اثر دمج المحاكم الموسعة الاختصاص مع محاكم الدرجة الأولى

نشر بتاريخ

أصدرت المحكمة القضائية بباريس ، التي تم احداثها منذ فاتح سنة 2020 اثر دمج المحاكم الموسعة الاختصاص مع محاكم الدرجة الأولى ، البيان المنشور أعلاه ، الذي يفصح عن توجهات المحكمة المذكورة في الحكم الذي أصدرته بتاريخ 31/03/2021 بخصوص دعوى تعويض تقدم به احد اطراف التحكيم في مواجهة احد المحكمين على اثر اصدار محكمة الاستئناف بباريس لقرار ابطل حكما تحكيميا أصدرته غرفة التجارة الدولية بباريس ، كان المحكم المدعى عليه عضوا في الهيأة التحكيمية المصدرة له ، على اثر اندلاع نزاع بين شركتين خاضعتين لقانون أجنبي في موضوع توزيع قطع غيار و سيارات كانتا قد ارتبطتا معا بشرط تحكيمي يمنح الاختصاص للغرفة المذكورة للبت عند نشوب نزاع بينهما مع تطبيق القانون الألماني بشأنه.

يكتسي هذا الحكم أهمية بالغة لكونه يعالج مسألة إجرائية أولية تهم الاختصاص، فأقر القاعدتين الآتيين:

1 - أن مسؤولية المحكم الناتجة عن سوء تنفيذه لالتزاماته المنبثقة عن عقد التحكيم تنفصل عن نطاق مسطرة التحكيم المنصوص عليها في المادة الأولى فقرة ثانية ـ البند (د) من النظام المؤرخ في 12/12/2012 المتعلق بالاختصاص القضائي و الاعتراف و التنفيذ في الميدان المدني و التجاري الصادر عن الاتحاد الأوروبي الذي حل محل النظام السابق رقم 44/2001 بتاريخ 22/12/2000 .

2 ـ ان المحكمة المختصة للبت في الدعوى المذكورة هي تلك التي مارس فيها المحكم ، بكيفية رئيسية ، مهامه بهذه الصفة ، و ذلك وفق اجتهاد محكمة العدل الأوروبية بمناسبة تفسيرها لأحكام المادة 7 ( فقرة ( أ ) بند ( ب) من النظام سالف الذكر ).

انتهت محكمة باريس القضائية الى النتيجة المشار اليها بعد دراسة مستفيضة لعناصر دعوى المسؤولية المذكورة ، و تيقنها من ان مكان تنفيذ المهمة التحكيمية المسندة للمحكمة التحكيمية المصدرة للحكم التحكيمي كان بألمانيا ، فاستبعدت بالتالي ، عن صواب ، اختصاصها للبت في الدعوى التي مورست من احد اطراف التحكيم ، في الظروف المومأ اليها أعلاه ، بعد ان أبطلت محكمة الاستئناف بباريس الحكم التحكيمي لثبوت ان أحد المحكمين ( المدعى عليه ) لم يحترم التزامه بالإفصاح عن وجود علاقات تربطه بمكتب المحاماة الذي كان يقدم خدمات لأحد طرفي النزاع التحكيمي، كما تفرض ذلك المادة 1456 من ق .م .م الفرنسي الذي يقابله الفصل 327-6 من قانون المسطرة المدنية ، عندنا ، الذي ينص في فقرته الثانية على ما يلي :

” و يجب على المحكمة الذي قبل مهمته ان يفصح كتابة عند قبوله عن أي ظروف من شأنها اثارة شكوك حول حياده و استقلاله “.

ان اختيار باريس مكانا لإنجاز مسطرة التحكيم ، مما يفترض فيه ان الحكم التحكيمي و كذا الأوامر الإجرائية التي امرت بها المحكمة التحكيمية قد صدرت في هذا المكان ، لا يكفي في حد ذاته لاعتبار ان الطرفين المتنازعين اختاراه فعلا مكانا لتنفيذ الخدمات المرتبطة بسير مسطرة التحكيم سيما و ان الاستماع الى الأطراف و الجلسات التي عقدتها محكمة التحكيم و مداولاتها تمت كلها في ألمانيا .

ستكون هناك متابعة لهذا الموضوع من طرفي بعد التوصل بقرار محكمة الاستئناف بباريس المشار اليه آنفا .

عبد اللطيف مشبال
← الرجوع إلى جميع المقالات