استفتاء كردستان ومؤامرة تقسيم الدول العربية الى دويلات

نشر بتاريخ

اعلان الحكومة المغربية الصادر الْيَوْمَ الذي أعربت من خلاله عن وقوفها ضد تقسيم دولة العراق ، هو موقف جدير بالتأييد،اذ فضلا عن صدوره في وقت حاسم تمر به المنطقة ، نتيجة ما تم تسليطه عليها من غزو من طرف منظمات ارهابية تم فبركتها في مختبرات المخابرات الغربية بدعم من أطراف إقليمية، وما خلفته من دمار شامل ،فانه كشف بالملموس ، ولو ضمنيا، عن معارضة المغرب لخيوط المؤامرة الجديدة التي ترمي الآن وبشكل واضح أزيد من أي وقت مضي،تقسيم الدول العربية الي دويلات ، مثلما سبق للملك ان نبه اليه في خطابه امام مؤتمر منظمة التعاون الخليجي، بعد ان ثبت الفشل المخزي لمؤامرة تقسيم سوريا ،وإسقاط نظامها الوطني المعادي لإسرائيل والامبريالية.

فتلك المؤامرة كشف عنها مؤخرا وبكل دقة الرئيس التركي ،حينما أشار منذ ايّام قليلة” ان بلاده مستهدفة بمؤامرة ، وان الهدف من انشاء دولة مستقلة في كردستان العراق هو تقديم العون لمن يريدون تمزيق وحدة الشعوب، واحداث صراعات لا نهاية لها في المنطقة بأسرها.” وهو ما يلتقي مع الخطوط العريضة للخطاب الملكي سالف الذكر.

فلا شك ان مخططات الغرب الاستعماري القادمة تستهدف في الأساس تحطيم دولة تركيا عبر خلق بؤر توتر حقيقية في إقليمها الكردستاني، من اجل شل وإيقاف تقدم اقتصادي حقيقي لدولة إسلامية ومؤثرة لا تقبله دول غربية لأنه يمس بمصالحه.

لعله من نافلة القول الإشارة في هذا الصدد بالترحيب الاسرائيلي المميز بخطوات انفصال اقليم كردستان العراق التمهيدية، ما دام انه سيساهم بدرجة او باخري في خلق تفجيرات جديدة بالمنطقة، مع ان هذا الإقليم قبل بصيغة الدولة الكونفدرالية خلال إعداد الدستور العراقي الحالي سنة 2005 ، وتمكنت بفضل هذا الإطارالدستوري من تحقيق نمو واستقرار مشهود بهما في الوقت الذي تم تسليط “داعش”على باقي التراب العراقي لخلق دولة الخرافة،مما نتج عنه الأثر التدميري الهائل الذي مَس الدولة العراقية وشعبها، انتهزته جماعة البرزاني، وبكيفية مقيتة، من اجل خلق كيان كردستاني علي حساب آلام ومعاناة الشعب العراقي .

وليس هذا فحسب ، بل ان سلطات اقليم كردستان العراق، انتهزت وبكيفية تدعو الي الشجب ، احتلال الموصل ومساحات شاسعة من الدولة العراقية من اجل فرض سيطرتها علي اقليم كركوك ومناطق مجاورة المتنازع عليها، المليئة بحقول النفط ، من اجل الاستيلاء عليه وتصديره، دون تمكين الحكومة المركزية من العائدات ، بهدف فرض الامر الواقع علي العراق.

ولم يكن صدور الترحيب المذكور عن اسرائيل أمرا مفاجئا لان كيانه قائم علي أساس التقسيم وبعثرة وتبديد مكامن قوة الدول المحيطة، وتحطيم أوصال الوطن العربي ، اذ يكفي التذكير بموقف الكيان المذكور من قضية استقلال جنوب السودان، واتخاذه مطية لتحقيق أهدافه الرامية الي محاصرة وتطويق مصر عبر اثيوبيا، واستنزاف ثروته النفطية، بصرف النظر عن الأخطاء الفظيعة التي ارتكبتها الطغمة العسكرية بالسودان في إدارة أزمة جنوب دولته، عبر اضطهاد سكانه ذوي الأغلبية المسيحية, الي درجة محاولة فرض الشريعة الاسلامية علي سكانه، ،

وليس من المستغرب في هذه الظروف ان تسعي اسرائيل الي خلق علاقات ود وتواصل بل ووئام مع حركات انفصالية في منطقة شمال افريقيا.

قاض سابق ومحام بهيئة الدار البيضاء

المصدر

عبد اللطيف مشبال
← الرجوع إلى جميع المقالات