مساحة الدول العربية تبلغ فجاة 360 كلمتر مربع!

نشر بتاريخ

المذبحة الجديدة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني الاعزل وتمخض عنها مصرع 55متظاهرا، وهو عدد ضخم من الضحايا الذين لا يسقطون في يوم واحد حتي في أتون اشرس المعارك العسكرية، مما يدل علي اصرار القيادة العسكرية الإسرائيلية المجرمة علي استخدام القوة والرصاص لقتل الأبرياء ، الامر الذي يجب معه تقديمها للعدالة الدولية ، مع ان هذا الشعب العظيم الذي يقف منفردا دون مؤازرة أشقائهم الخليجيين الاثرياء الذين كان من المفترض ان تستعمل جزء من ثروتهم لنصرة اخوانهم الفلسطينيين ضحايا الاجرام الصهيوني ، لم يستعمل سوي حقه المشروع في التظاهر للإعراب عن سخطه علي الاستيلاء علي القدس ، ،بمكانتها ورمزيتها الدينية، من طرف اسرائيل بمباركة إدارة ترامب، امام نظر الجميع ، وصمت مذهل للمجتمع الدولي،ومن ضمنه النظام العربي الرسمي، الذي يبدو من خلال تطور الأحداث الاخيرة بالمنطقة، وانفراد السعودية بقيادته المروعة له،كشفت عن تواطئ سافرا من طرف الاخيرة مع الادارة الامريكية في خندق واحد يلتقي مع اسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية في نطاق ما يسمي صفقة القرن المنتظر الإعلان عنها بصفة نهائية في هذا الشهر.

كما كشفت عن حقيقة مؤلمة اخري مفادهاان مساحة ما يسمي بالعالم العربي قد انكمشت ، فلم تعد تتعدي سوي قطعة ترابية صغيرة بمساحة 360 كلم مربع، هي مساحة قطاع غزة ، التي هي ارض الأبطال الذين جابهوا ، وحدهم، بصدورهم العارية، اعتي القوي الفاشية والنازية في العالم، حفاظا علي حقوق الشعب الفلسطيني، في أراضيه، وفضحوا هكذا مزاعم الديموقراطية الإسرائيلية التي لا تقوم لها قائمةسوي عبر قمع الفلسطيني.

وهكذا تبخرت الجيوش العربية التي تكلف تسليحها الملايير من الدولارات ، كما اختفي الدعم العربي للفلسطينيين الفقراء والكادحين حتي يتضاعف فقرهم ومعاناتهم ، رغم منع ترامب المعونة عن وكالة “الاونروا”قصد إكراههم علي القبول بشروط مذلة للتخلي عن حقوقهم في وطنهم، في الوقت الذي منحت، السعودية، دون حسيب او رقيب، مبالغ طائلة من الملايير من الدولارات لترامب، تحت طائلة اختلاق عداوة بايران التي سبق لها احتلال جزر موسي الاماراتية في عهد الشاه دون ان تتحلي عندئذ دول الخليج بالشجاعة الكافية لتوجيه صفة المحتل علي النظام الإيراني ، وفِي هذا تسفيه لمزاعمهم ان ايران هي عدوتهم ما دام ان تلك الأنظمة قد استساغت احتلالا فارسيا لجزرهم منذ حوالي خمسة عقود، وبالتالي سيكون مشروعا التساؤل بخصوص الدور الخليجي في فبركة صفقة القرن .

وعلي مستوي القانون الدولي ، فان مبادرة الادارة الامريكية بنقل سفارتها الي القدس، لا يعدو ان يكون قرارا جائرا وباطلا ،، بل ومعدوما يخالف الشرعية الدولية ممثلة في قرار الامم المتحدة الذي منح للقدس وبيت لحم وضعية خاصتين، سنة 1947 ،بان جعلهما تحت إشراف دولي، بسبب مكانتهما الدينية وباقي قرارات الامم المتحدة .

ن التشريعاتالداخلية الامريكية التي تؤطر نقل السفارة المذكورة، لا يمكن بحال من الاحوال ان تسمو علي التشريع الدولي، وهو مبدء يكرسه الدستور الامريكي نفسه، ومن ثم فان القرارات التنفيذية للإدارة الامريكية التي اصدرها الرئيس ترامب لا يمكن لها ان تحدث اثرا يذكر،سيما وأنها تكرس منطق القوة المتغطرسة التي سبق لها ان فشلت اما م إرادة الشعوب ، مثلما اثبتت هزيمة امريكا النكراء امام إرادة الشعب الفيتنامي، التي تحققت في متم ابريل 1975.ولا يمكن امام تخبط سياسة امريكا في المنطقة العربية سوي القول انها ، سياسة فاشلة، لعدم توفرها علي أركان أساسية من قبيل الحق، والتوازن، وتورطها في دعم مجتمع إسرائيلي فاشي ،عنصري، ينبني علي أساطير لاهوتية،يحاول قادته ،دون جدوي، إقناع عالم القرن 21 ، بمشروعيتها في عالم سبق له منذ عقود ان رمي بتلك الأساطير الي المزبلة، وأقام أسس تعايشه علي معايير حقوق الشعوب ، والديمقراطية، والتعدد، فتترائي بالملموس السياسة الامريكية علي أساس ارعن ، في تناقض تام مع مسيرة التاريخ، ومن ثم فان مآلها المحتوم هو فشل ذريع،وهو ما تثبته الوقائع الاخيرة التي حصلت في العراق وسوريا، رغم الملايير من الدولارات التي كانت تهدف الي إقامة دولة الخرافة.

ويقينا فان الأحداث الاخيرة بغزة وما صاحبتها من قتل إجرامي ومجاني للفلسطينيين العزل ، ورغم فداحة هذا المصاب الجلل، فان مؤداه اعادة البوصلة الي مسارها الصحيح، اي في مواجهة العدو الحقيقي وهو الدولة الصهيونية.

عبد اللطيف مشبال
← الرجوع إلى جميع المقالات